147 ـ وأخبرنا السّيد المرتضى بن الدّاعي الحسيني ، عن جعفر الدوريستي ، عن أبيه ، عن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبدالله ، حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ الخزّاز ، عن فضل الأشعري ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : ابتلي أيوب عليه السلام سبع سنين بلا ذنب . وقال : ما سأل أيوب عليه السلام العافية في شيء من بلائه .
وقال : قال أبي صلوات الله وسلامه عليه : إنّ أيوب ابتلي من غير ذنب وانّ الأنبياء صلوات الله عليهم لا يذنبون ، لأنهم معصومون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً ، وقال : إنّ الله تعالى ابتلى أيوب بلا ذنب ، فصبر حتى عيّر ، والأنبياء لا يصبرون على التّعيير (1) .
148 ـ وباسناده عن سعد بن عبدالله ، حدّثنا يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال ذكر أيّوب عليه السلام ، فقال : قال الله جلّ جلاله : إنّ عبدي أيّوب ما أنعم عليه بنعمة إلاّ ازداد شكراً ، فقال الشيطان : لو نصبت (2) عليه البلاء ، فابتليته كيف صبره ، فسلّطه على إبله ورقيقه ، فلم
____________
(1) بحار الأنوار ( 12 | 350 ) ، برقم : ( 18 ) من قوله : ما سأل وخرّج ما قبله عن العلل ( 12 | 347 ) ، برقم : ( 9 ) وما بعده في نفس الجزء ص ( 348 ) برقم ( 13 ) عن الخصال إلى قوله : ولا كبيراً والبقيّة أوردها فيه ص ( 347 ) برقم ( 10 ) عن العلل .
(2) في البحار : لو صببت ـ خ .
--------------------------------------------------------------------------------
( 140 )
يترك له شيئاً غير غلام واحد .
فأتاه الغلام فقال : يا أيّوب ما بقي من إبلك ولا من رقيقك أحد إلاّ وفد مات فقال أيوب : الحمد لله الّذي أعطى والحمد لله الّذي أعطى والحمد لله الّذي أخذ (1) فقال الشّيطان : إنّ خيله أعجب إليه فسلّط عليها ، فلم يبق منها شيء إلاّ هلك ، فقال أيوب : الحمد لله الّذي أعطى والحمد لله الّذي أخذ (2) . وكذلك ببقرة ، وغنمه ، ومزارعه ، وأرضه ، وأهله ، وولده ، حتّى مرض مرضاً شديداً .
فأتاه أصحاب له ، فقالوا يا أيّوب : ما كان أحد من النّاس في أنفسنا ولا خير علانية خيراً عندنا منك ، فلعلّ هذا لشيء كنت أسررته فيما بينك وبين ربّك لم تطلع عليه أحداً ، فابتلاك الله من أجله ، فجزع جزعاً شديداً ودعى ربّه ، فشفاه الله تعالى ورد عليه ما كان له من قيل أو كثير في الدّنيا ، قال : وسألته عن قوله تعالى : ( ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة ) (3) فقال : الّذين كانوا ماتوا (4) .
149 ـ وعن ابن بابويه ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصّفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لمّا طال بلاء أيّوب عليه السّلام ، ورآى ابليس صبره أتى إلى أصحاب له كانوا رهباناً في الجبال ، فقال لهم : مرّوا بنا إلى هذا العبد المبتلى نسأله عن بليّته ، قال : فركبوا وجاؤوه ، فلمّا قربوا منه نفرت بغالهم فقرّبوها بعضاً إلى بعض (5) ، ثم مشوا إليه وكان فيهم شابّ حدث فسلّموا على ايّوب وقعدوا ، وقالوا : يا أيّوب لو أخبرتنا بذنبك . فلا نرى تبتلي بهذا البلاء إلاّ لأمر كنت تستره .
____________
(1) في ق 1 وق 5 : الحمد لله الذي أخذه ، وفي غيرهما من النّسخ والبحار : الحمد لله الذي أعطاه والحمد لله الّذي أخذه .
(2) في البحار هنا ذكر جملة واحدة فقط وهلي : الحمد لله الّذي أخذ وترك الأخرى وهي : الحمد لله الذي أعطى . والظّاهر وقوع السّقط .
(3) سورة ص : ( 43 ) .
(4) بحار الأنوار ( 12 | 350 ) ، برقم : ( 19 ) .
(5) في بعض النّسخ : فقرّبوا بعضها من بعض .
--------------------------------------------------------------------------------
( 141 )
قال ايوب صلوات الله عليه : وعزّة ربي إنّه ليعلم أنّي ما أكلت طعاماً قط إلا ومعي يتيم أو ضعيف يأكل معي ، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة إلاّ أخذت بأشدّهما على بدني ، فقال الشّاب : سوءة لكم عمدتم إلى نبيّ الله ، فعنفتموه حتّى أظهر من عبادة ربّه ما كان يسرّه ، فعند ذلك دعا ربّه وقال : « رب إنّي مسّني الشيطان بنصب وعذاب » (1) .
وقال : قيل لأيّوب صلوات الله عليه بعدما عافاه الله تعالى : أيّ شيء أشدّ ممّا مرّ عليك ؟ قال : شماتة الاعداء (2) .
فصل ـ 1 ـ
150 ـ وباسناده عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : أمطر الله على أيوب من السماء فراشا من ذهب ، فجعل أيوب صلوات الله عليه يأخذ ما كان خارجاً من داره فيدخله داره ، فقال جبرئيل عليه السلام : أما تشبع يا أيّوب ؟ قال : ومن يشبع من فضل ربّه (3) .
151 ـ وبالاسناد المتقدم عن وهب بن منبّه : انّ أيّوب كان في زمن يعقوب بن إسحاق صلوات الله عليهم ، وكان صهراً له ، تحته ابنة يعقوب يقال لها : إليا ، وكان أبوه ممّن آمن بإبراهيم صلوات الله عليه ، وكانت أم أيّوب ابنة لوط ، وكان لوط جدّ أيّوب صلوات الله وسلامه عليهما أبا أمّه .
ولما استحكم البلاء على أيوب من كل وجه صبرت عليه امرأته ، فحسدها إبليس على ملازمتها بالخدمة ، وكانت بنت يعقوب ، فقال لها : ألست اُخت يوسف الصّديق ؟ قالت : بلى ، قال : فما هذا الجهد وهذه البليّة التي أراكم فيها ؟ قالت : هو الّذي فعل بنا ليأجرنا بفضله علينا ، لأنّه أعطاء بفضله منعماً ثم أخذه ليبتلينا ، فهل رأيت منعما أفضل منه ؟ فعلى إعطائه نشكره ، وعلى ابتلائه نحمده ، فقد جعل لنا الحسنيين كلتيهما ، فابتلاه ليرى صبرنا ، ولا نجد على الصّبر قوّة إلاّ بمعونته وتوفيقه ، فله الحمد والمنّة على ما أولانا وابلانا ،
____________
(1) سورة ص : ( 41 ) .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 351 ـ 352 ) ، برقم : ( 21 ) .
(3) بحار الانوار ( 12 | 352 ) ، برقم : ( 22 ) .
--------------------------------------------------------------------------------
( 142 )
فقال لها : أخطأت خطأ عظيماً ليس من هيهنا ألحّ عليكم البلاء وأدخل عليها شبها دفعتها كلّها .
وانصرفت إلى أيّوب صلوات الله عليه مسرعة وحكت له ما قال اللّعين فقال أيّوب : القائل إبليس لقد حرص على قتلي ، إنّي لأقم بالله لا جلدنّك مائة لم أضغيت إليه إن شفاني (1) الله (2) .
152 ـ قال وهب : قال ابن عباس : فأحيى الله لهما أولادهما وأموالهما وردّ عليه كلّ شيء لهما بعينه ، وأوحى الله تعالى إليه : وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث ، فأخذ ضغثاً من قضبان وقاف من شجرة يقال لها : الثّمام ، فبرّ به يمينه وضربها ضربة واحدة ، وقيل : أخذ عشرة منها فضربها بها عشر مرّات ، وكان عمر أيّوب ثلاثاً وسبعين قبل أن بصيبه البلاء ، فزادها الله مثلها ثلاثاً وسبعين سنة أخرى (3) .
فصل ـ 2 ـ
( في نبوّة شعيب عليه السلام )
153 ـ أخبرنا السيّد ذوالفقار بين معبد الحسيني ، عن الشّيخ أبي جعفر الطّوسي ، عن الشّيخ المفيد ، عن ابي جعفر بن بابويه ، حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدّثنا علي بن الحسين السّعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام ، عن سعد الإسكافي ، عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال : إنّ أوّل من عمل المكيال والميزان شعيب النّبي عليه السلام عمله بيده ، فكانوا يكيلون ويوفون ، ثمّ إنّهم بعد طفّفوا في المكيال وبخسوا في الميزان « فأخذتهم الرّجفة » فعذّبوا بها « فأصبحوا في ديارهم جاثمين » (4) .
154 ـ وبهذا الاسناد عن ابن محبوب ، عن يحيى بن زكريّا ، عن سهل بن سعيد ،
____________
(1) في بعض النسخ : عافاني .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 352 ) ، برقم : ( 32 ) .
(3) بحار الأنوار ( 12 | 352 ) من السّطر ( 18 ) إلى آخر الصّفحة .
(4) بحار الانوار ( 12 | 382 ) ، برقم : ( 6 ) والآية في سورة الأعراف : ( 78 ) .
--------------------------------------------------------------------------------
( 143 )
قال : بعثني هشام بن عبد الملك أستخرج له بئراً في رصافة عبد الملك فحفرنا منها مائتي قامة ، ثمّ بدت لنا جمجمة رجل طويل ، فحفرنا ما حولها فإذا رجل قائم على صخرة عظيمة عليه ثياب بيض ، وإذا كفّه اليمنى على رأسه على موضع ضربة برأسه ، فكنّا إذا نجّينا يده عن رأسه سالت الدّماء ، وإذا تركناها عادت فسدّت الجرح ، وإذا في ثوبه مكتوب : أنا شعيب بن صالح رسول رسول الله شعيب النبي عليه السلام إلى قومه (1) فضربوني وأضّروا بي طرحوني في هذا الجبّ وهالوا عليّ التّراب فكتبنا إلى هشام بما رأيناه فكتب : أعيدوا عليه التّراب كما كان واحتفروا في مكان آخر (2) .
155 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه إبراهيم بن هشام ، عن عليّ بن معبد ، عن عليّ بن عبد العزيز ، عن يحيى بن بشير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه ، قال : بعث هشام بن عبد الملك إلى أبي عليه السلام ، فأشخصه إلى الشّام ، فلمّا دخل عليه قال له : يا أبا جعفر إنّما بعثت إليك لا سألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري ، ولا ينبغي أن يعرف هذه المسألة إلاّ رجل واحد ، فقال له أبي : يسألني أمير المؤمنين عمّا أحبّ ، فان علمت أجبته ، وإن لم أعلم قلت : لا أدري وكان الصّدق أولى بي .
فقال هشام : أخبرني عن اللّيلة الّتي قتل فيها عليّ بن أبي طالب ، بما استدلّ الغائب (3) عن المصر الّذي قتل فيه على ذلك ؟ وما كانت العلامة فيه للنّاس ؟ وأخبرني هل كانت لغيره في قتله عبرة ؟ فقال له أبي : أنّه لمّا كانت اللّيلة الّتي قتل فيها عليّ صلوات الله عليه لم يرفع عن وجه الارض حجرٌ إلاّ وجد تحته دم عبيط حتّى طلع الفجر ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي فقد فيها هارون أخو موسى عليهما السلام ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها يوشع بن نون ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي رفع فيها عيسى بن مريم عليهما السلام ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها الحسين صلوات الله عليه .
____________
(1) في البحار : أنا شعيب بن صالح رسول رسول الله إلى قومه .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 383 ) ، برقم : ( 7 ) .
(3) في جميع النّسخ : الكاتب عن المصر الّذي قتل فيه عليّ . وهي ناقصة حتّى نسخة البحار والصّحيح ما وضعناه في المتن اكتمالاً عن نسخة إثبات الهداة .
فتربّد (1) وجه هشام ، وامتقع (2) لونه ، وهمّ أن يبطش بأبي فقال له أبي : يا امير المؤمنين الواجب على النّاس الطّاعة لأمامهم والصّدق له بالنّصيحة ، وأنّ الّذي دعاني إلى ما أجبت به أمير المؤمنين فيما سألني عنه معرفتي بما يجب له من الطّاعة ، فيحسن ظنّ أمير المؤمنين فقال له هشام : أعطني عهد الله وميثاقه ألاّ ترفع هذا الحديث إلى أحد ما حييت فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه .
ثمّ قال هاشم : انصرف إلى أهلك إذا شئت ، فخرج ابي متوجّهاً من الشّام نحو الحجاز ، وابرد هشام بريداً وكتب معه إلى جميع عمّاله ما بين دمشق إلى يثرب يأمرهم أن لا يأذنوا لأبي في شيء من مدينتهم ، ولا يبايعوه في أسواقهم ، ولا يأذنوا له في مخالطة أهل الشّام حتّى ينفذ إلى الحجاز ، فلمّا انتهى إلى مدينة مدين ومعه حشمه ، وأتاهم بعضهم فأخبرهم أنّ زادهم قد نفد ، وأنّهم قد منعوا من السوق ، وأن باب المدينة أغلق .
فقال : أبي : فعلوها ؟ ائتوني بوضوء فأتى بماء فتوضّأ ، ثم توكّأ على غلام له ، ثمّ صعد الجبل حتّى إذا صار في ثنيّة استقبل القبلة ، فصلّى ركعتين ، فقام وأشرف على المدينة ، ثمّ نادى بأعلى صوته ، وقال : ( وإلى مدين أخاهم شعيباً قال : يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنّي أراكم بخير وإنّي أخاف عليكم عذاب يوم محيط * ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * بقيّة الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ) (3) ثمّ وضع يده على صدره ، ثم نادى بأعلى صوته أنا والله بقيّة الله ، أنا والله بقيّة الله . قال : وكان في أهل مدين شيخ كبير قد بلغ السّن وأدبته التّجارب ، وقد قرأ الكتب ، وعرفه أهل مدين بالصّلاح ، فلمّا سمع النّداء قال لأهله : أخرجوني فحمل ووضع وسط المدينة ، فاجتمع النّاس غليه ، فقال لهم : ما هذا الّذي سمعته من فوق الجبل ، قالوا : هذا رجل يطلب السّوق فمنعه السّلطان من ذلك وحال بينه وبين منافعه ، فقال لهم الشّيخ : تطيعونني ؟ قالوا : اللّهم نعم ، قال : قوم صالح إنّما ولي عقر النّاقة منهم رجل واحد ، وعذّبوا جميعاً على الرّضا بفعله ، وهذا رجل قد قام مقام
____________
(1) تربّد وجه فلان : تغيّر من الغضب .
(2) أي : تغيّر من حزن أو فزع .
(3) سورة هود : ( 84 ـ 86 ) .
--------------------------------------------------------------------------------
( 145 )
شعيب ، ونادى مثل ندآء شعيب صلوات الله عليه ، وهذا رجل ما بعده ، فارفضوا السّلطان وأطيعوني وأخرجوا إليه بالسّوق فاقضوا حاجته ، وإلا لم آمن والله عليكم الهلكة ، قال : ففتحوا الباب وأخرجوا السّوق إلى أبي ، فاشتروا حاجتهم ودخلوا مدينتهم ، وكتب عامل هشام إليه بما فعلوه ، وبخبر الشّيخ ، فكتب هشام إلى عامله بمدين بحمل الشّيخ إليه ، فمات في الطريق رضي الله عنه (1) .
فصل ـ 3 ـ
156 ـ أخبرنا السّيد عليّ بن أبي طالب السّليقي (2) ، عن جعفر بن محمد بن العبّاس ، عن أبيه ، عن ابن بابويه ، حدّثنا محمد بن عليّ ماجيلويه ، حدّثنا محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، عن بعض أصحابنا ، عن سعيد بن جناح ، عن أيّوب بن راشد رفعه إلى علي عليه السلام قال : قيل له يا أمير المؤمنين : حدّثنا قال : إنّ شعيباً النّبيّ صلوات الله عليه دعا قومه إلى الله حتّى كر سنّة ورق عظمه ، ثمّ غاب عنهم ما شاء الله ، ثمّ عاد إليهم شابّاً ؟ وكان عليّ عليه السلام يكرّر عليهم الحديث مراراً كثيرة (3) .
157 ـ وبهذا الإسناد عن ابن أورمة ، عمّن ذكره ، عن علا ، عن فضيل بن يسار قال أبو عبدالله صلوات الله عليه : لم يبعث الله عزّ وجلّ من العرب إلاّ خمسة أنبيآء : هوداً ، وصالحاً ، وإسماعيل ، وشعيباً ، ومحمّداً خاتم النبييّن صلوات الله عليهم ، وكان شعيب بكاء (4) .
158 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم الطّالقاني ، حدّثنا أحمد بن عمران .
____________
(1) بحار الأنوار ( 46 | 315 ـ 317 ) ، برقم : ( 3 ) ، وجائت قطعات من الحديث في ( 13 | 368 ) ، برقم : ( 12 ) و( 14 | 336 ) ، برقم : ( 4 ) و( 42 | 302 ) ، وأورد قسماً منه في إثبات الهداة ( 2 | 464 ) من الباب ( 11 ) الفصل ( 21 ) برقم : ( 213 ) .
(2) كذا في ق 3 وأعيان الشّيعة : وفي ق 1 : الصّيقلي ، وفي ق 2 وق 4 وق 5 : السّيقلي وفي الرّياض ( 2 | 427 ) و( 437 ) : السّليقي والسّيلقي .
(3) بحار الأنوار ( 12 | 385 ) ، برقم : ( 10 ) .
(4) بحار الأنوار ( 11 | 42 ) ، برقم : ( 44 ) ، وراجع ( 12 | 385 ) ، برقم : ( 11 ) .
--------------------------------------------------------------------------------
( 146 )
ابن خالد ، حدّثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدّثنا عيسى بن راشد ، عن علي بن خزيمة (1) ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس رضي الله عنه ، قال : إن الله تعالى بعث شعيباً إلى قومه وكان لهم ملك فاصابه منهم بلاء ، فلمّا رآى الملك أنّ القوم قد خصبوا أرسل إلى عمّاله ، فحسبوا على النّاس الطّعام ، وأغلوا أسعارهم ، ونقصوا مكائيلهم وموازينهم ، وبخسوا النّاس أشياءهم ، وعتوا عن أمر ربّهم ، فكانوا مفسدين في الارض ، فلمّا رآى ذلك شعيب صلوات الله عليه قال لهم : « لا تنقصوا المكيال والميزان إنّي أرايكم بخير وإنّي أخاف عليكم عذاب يوم محيط » فأرسل الملك إليه بالإنكار .
فقال شعيب : إنّي منهيّ في كتاب الله تعالى والوحي الّذي أوحى الله إلي به : أنّ الملك إذا كان بمنزلتك الّتي نزلتها ينزل الله بساحته نقمته ، فلمّا سمع الملك ذلك أخرجه من القرية ، فأرسل الله إليه سحابة فاظلّتهم ، فأرسل عليهم في بيوتهم السّموم وفي طريقهم الشمس الحارة وفي القرية ، فجعلوا يخرجون من بيوتهم وينظرون إلى السّحابة الّتي قد أظلّتهم من أسفلها ، فانطلقوا سريعاً كلّهم إلى أهل بيت كانوا يوفون المكايل والميزان ولا يبخسون النّاس اشياءهم فنصحهم الله وأخرجهم من بين العصاة ، ثم أرسل على أهل القرية من تلك السّحابة عذاباً وناراً فأهلكتهم ، وعاش شعيب صلوات الله عليه مائتين واثنين وأربعين سنة (2) .
فصل ـ 4 ـ
159 ـ وعن ابن بابويه حدّثنا أبو عبدالله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي حدّثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحارث بن سفيان الحافظ السّمرقندي حدّثنا صالح بن سعيد التّرمذي عن عبد المنعم بن إدريس عن ابيه (3) عن وهب بن منبّه اليماني ، قال : إنّ شعيباً وأيّوب صلوات الله عليهما وبلعم بن باعورا كانوا من ولد رهط آمنوا لإبراهيم يوم أحرق فنجا ، وهاجروا معه إلى الشّام ، فزوّجهم بنات لوط ، فكلّ نبيّ كان
____________
(1) كذا في ق 1 وق 2 والبحار ، وفي ق 3 وق 5 : علي بن خذيمة .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 386 ـ 387 ) ، برقم : ( 13 ) .
(3) الزيادة من العلل فقط .
--------------------------------------------------------------------------------
( 147 )
قبل بني إسرائيل وبعد إبراهيم صلوات الله عليه من نسل اولئك الرّهط ، فبعث الله شعيباً إلى أهل مدين ، ولم يكونوا فصيلة شعيب ولا قبيلته الّتي كان منها ، ولكنّهم كانوا أمّة من الامم بعث إليهم شعيب صلوات الله عليه .
وكان عليهم ملك جبّار ، لا يطيقه أحد من ملوك عصره ، وكانوا ينقصون المكيال والميزان ، ويبخسوا النّاس النّاس أشياءهم ، مع كفرهم بالله وتكذيبهم لنبيّه وعتوّهم ، وكانوا يستوفون إذا اكتالوا لأنفسهم أو وزنوا لها ، فكانوا في سعة من العيش ، فأمرهم الملك باحتكار الطعام ونقص مكائيلهم وموازينهم ، ووعظهم شعيب فأرسل إليه الملك ما تقول فيما صنعت أراض أم أنت ساخط ؟ فقط شعيب : أوحى الله تعالى إليّ أن الملك إذا صنع مثل ما صنعت يقال له : ملك فاجر ، فكذّبه الملك وأخرجه وقومه من مدينته ، قال الله تعالى حكاية عنهم : « لنخرجنّك يا شعيب والّذين آمنوا معك من قريتنا » .
فزادهم شعيب في الوعظ (1) ، فقالوا : يا شعيب : « أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء الله » فآذوه بالنّفي من بلادهم ، فسلّط الله عليهم الحرّ والغيم ، حتّى أنضجهم ، فلبثوا فيه تسعة أيام ، وصار ماؤهم حميماً لا يستطيعون شربه فانطلقوا إلى غيضة لهم ، وهو قوله تعالى : « وأصحاب الأيكة » فرفع الله لهم سحابة سوداء ، فاجتمعوا في ظلّها ، فأرسل الله عليهم ناراً منها فاحرقتهم ، فلم ينج منهم أحد ، وذلك قوله تعالى : « فأخذهم عذاب يوم الظّلّة » .
وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا ذكر عنده شعيب قال : ذلك خطيب الأنبياء يوم القيامة ، فلمّا أصاب قومه ما أصابهم لحق شعيب والّذين آمنوا معه بمكّة ، فلم يزالوا بها حتّى ماتوا .
والرّواية الصّحيحة : أنّ شعيباً عليه السلام صار منها إلى مدين فأقام بها وبها لقيه موسى ابن عمران صلوات الله عليهما (2) .
____________
(1) في ق 1 وق 5 : الوعد .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 384 ـ 385 ) ، برقم : ( 9 ) .
--------------------------------------------------------------------------------