السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
::::::
﴿ إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني
اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا
فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة
الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم(40) ﴾
(التوبة)
للوهلة الأولى وبمجرد قرائتك للأية الكريمة ترين أنها مجرد وصف لرحلة الهجرة وتعقيباً على أحداثها
الحقيقة أنها نزلت بعد الهجرة بتسع أعوام استرجاعاً لعبر لا تمحوها الأعوام
فلم التذكير بالهجرة بعد هذا الأمد الطويل؟
هذه الآية بعض ما نزل في مقاتلة الرومان الذين اغتالوا الدعاة المسلمين واعترضوا طريقهم وهم يبلغون رسالة التوحيد
كان الروم وقتها يمثلون الدولة الأولى في العالم فلما قرر النبي محاربة الروم والتصدي لعدوانهم فزع الكثيرون وتثاقلوا عن الخروج وقال بعضهم لبعض أنى لنا مقاومة هذه الدولة مالنا قبل بهؤلاء
ونزل الوحي الأعلى يقطع دابر الضعف ويستأصل روح الهزيمة ويطلب إلى المؤمنين أن يسارعوا إلى النفير وأن يسيروا إلى الروم حيث كانوا دون أي تهيب
وذكر المتثاقلين عن الجهاد بأن النصر من عند الله وحده لا تمنعه قلة عدد أو عدة
وساق اليهم درساً من الهجرة النبوية وكيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو فرد مستوحش مستضعف في عرصات مكة خرج مع صاحبه وأويا إلى غار يخفيهما عن أعين المطاردين وكان العزاء الوحيد بإزاء هؤلاء الأعداد المتربصين ( لا تحزن ان الله معنا)
فماذا كانت النتيجة؟
إن الله لم يخذل من تعلق به واستند اليه وها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغ المدينة ويبقى بها سنين معدودة ثم يعود إلى مكة فاتحاً كاسراً دولة الأصنام ورافعاً راية الحق
إن الله الذي دبر هذا الفوز قادر على أن يصنع مثله لدولة فتية ناشئة تشتبك مع أعتى دول الأرض و أوسعها سلطاناً؛ قادر على أن ينصر المسلمين وهم قلة تعتز بالايمان على الروم وهم كثرة تريد الطغيان بباطلها
المهم أن يتم المسلمون استعدادهم ويأخذوا أهبتهم كلها تاركين ما يبقى فوق طاقتهم لعون الله
هذا درس من الهجرة يساق إلى المتواكلين الذين ينتظرون من الله أن يقدم لهم كل شيء وهم لم يقدموا له شيئا...
منقول