كم هو كئيب حينا العتيق هذا صباح، ليس كما عهدته كل يوم، فحتى حركة سكانه مسرعة، خطواتهم لا
تعرف إلى أين تسلك.....
مدينتي تحت وقع الصدمة: كارتة إنسانية دهب ضحيتها أكتر من أربعين قتيلا و جرح أكتر من سبعين
آخرين...
منذ الأمس، لم يخلو بيت في حيينا من النواح و العويل و الصياح... نساء يبكون زوجا، أبا، إبنا، جدا، جارا
أو حتى صديقا...خرجو لتلبية نداء يوم الجمعة المبارك، لكنهم لم يعودوا... و حتى من لم يفقد عزيزا،
فقد عاش وقت مستقطعا من الخوف أن يكون فردا من عائلتهم تحت الأنقاض...
حينا العتيق في حداد، و الدموع لا تريد أن تجد سدا لها، و أخبار من وافتهم المنية مازالت ترد إتباعا،
واجاتامين الشهداء تشيع بالمجموعات...
سقطت الصومعة، وقضي أمر الله، و ارتدت النساء زي الحداد الأبيض، و معها حينا العتيق، و مدينتنا
كاملة... ودعنا من تربينا معاهم، و لعبنا معاهم، و درسنا جميعا، وحصلنا ذكريات لن ينساها أحد...
ودعنا من ربونا على أيديهم، و من كانوا يباركوننا كل صباح، نحن في طريق العمل أو الدراسة، وهم في
طريقهم إلى حديقة الحي حيت اعتدنا أن نراهم صباح مساء وهم يتذكرون ماضيهم، و يتأملون الخير
في مستقبل لن يعيشوا أيامه...
مدينتي في حداد... و حيي العتيق غارق في الكآبة و الدموع... كلما التقينا نعزي بعضنا في مصابنا
الجلل... ولا نملك إلا الدعاء لمن قضوا تحت الأنقاض بالرحمة و المغفرة، و بالصبر لذويهم...
لأن ننساكم يا من جمعتنا كلماتنا نحن "ولاد لمدينة القديمة ولاد لخير و لكرم و لجود و لد نخوة و شرف و
راس لمارفوع... ولاد حومة باب الباردعياين و جناح لأمان و فران نوله و تيزيمي الصغيرة و الكبيرة"
إن لله و إن إليه راجعون
SANFOURA