بقلم: الشبيهي الموقت أمين
شرعت المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) أمس الثلاثاء ، في مصادم الهدرونات الكبير الذي يقع في منطقة الحدود الفرنسية السويسرية ، في محاولة جديدة لإحداث تصادم بين الجسيمات على سرعات متناهية الكبر تكاد تقترب من سرعة الضوء في محاكاة للانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون كما تقول بذلك نظرية الانفجار الكبير أو ما يعرف ب .BigBang
إن النظرية المعتمدة الآن لتفسير تكوين الكون هي نظرية الانفجار الكبير (BigBang) ويفصلنا عن هذا الانفجار ما بين 10 إلى 20 مليار سنة ، وتقول هذه النظرية بأن كل المادة والطاقة التي يشتمل عليها الكون كانت تنحصر في مجال لا يتعدى حجم الذرة و تقول النظرية بأن هذه المادة انتشرت في الكون بعد وقوع انفجار شديد القوة.
وينتظر من هذه التجربة أن تفيدنا بمعلومات عن حالة الكون بعد بضع أجزاء من الثانية مقسمة على مليون مباشرة بعد وقوع الانفجار الكبير .
وتعد هذه المحاولة أضخم تجربة علمية سيقوم بها الإنسان على مر العصور، وذلك بإحداث تصادم بين حزمتي من البروتونات تسيران في اتجاهين متعاكسين داخل نفق طوله 27 كيلومترا و عمقه 100 متر في مصادم الهدرونات الكبير وبكم هائل من طاقة .
ومصادم الهدرونات الكبير هذا هو مجمع ضخم من المغناطيسات الحلقية العملاقة والأجهزة الالكترونية المعقدة والحواسب تكلف انشاؤه عشرة مليارات دولار ويصل عمره الافتراضي الى 20 سنة.
ويمكن تشبيه هذه التجربة بمحاولة رمي إبرة من الرباط بسرعة فائقة وأخرى من واشنطن والتقائهما ببعض في وسط المحيط الأطلسي.
إن التصادم هو أساس دراسة فيزياء الجسيمات من أجل رصد وتحليل ما حدث خلال فترة متناهية الصغر من الزمن اعقبت حدوث الانفجار الكبير
ويأمل العلماء في ان تسمح هذه التجربة العملاقة بمعرفة أشياء تتعلق بنشأة النجوم والكواكب وماهية المادة السوداء غير المرئية والطاقة الدكناء.
والمادة السوداء في علم الفيزياء الفلكية تعبير أطلق على مادة افتراضية لا يمكن قياسها إلا من خلال تأثيرات الجاذبية الخاصة بها والتي بدونها لا تستقيم حسابيا العديد من نماذج تفسير الانفجار العظيم وحركة المجرات، ويرجح أنها تشكل حوالي 95 في المئة من مادة الكون الكلية فيما تمثل الطاقة الدكناء حوالي 70 في المئة من كتلة الكون.
وهذه المادة غير معروفة من حيث التكوين والطبيعة ولا يمكن رصدها لأنها لا تعكس الضوء أو أي موجات كهرومغناطيسية ويعتقد انها تتكون من جسيمات قد تتواجد في أبعاد أخرى غير الأبعاد الأربعة المعروفة في الفيزياء الكلاسيكية وهي الطول والعرض والارتفاع والزمن
وللإشارة، فإن المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية تكونت سنة 1953 و تظم 20 دولة أروبية وفد شاركت دول أخرى غير أوروبية في تمويل مشروع مصادم الهدرونات الكبير منها إسرائيل و تركيا، ولكن مع الأسف ولا دولة عربية شاركت في هذا المشروع العالمي الضخم الذي يعد من مفاخر الإنسانية جمعاء .
* خريج معهد العلوم النووية بكرونوبل