في الوقت الذي بدأ فيه عدد قليل من شركات الطيران الأوروبية خططًا تجريبية لتسيير طائرات فارغة لاختبار درجة أمان تلك الرحلات في ظل وجود سحابة الرماد البركاني التي أصابت حركة الملاحة الجوية خلال الأيام القليلة الماضية بحالة من الشلل التام، خرجت وكالة ناسا الأميركية لأبحاث الفضاء بدراسة حديثة تحذر من خطورة ذلك، على اعتبار أن مقدارًا ضئيلاً من هذا الرماد يمكن أن يلحق مشاكل خطرة بالطائرات.
وقد أفادت الدراسة كذلك بأن سحب الرماد البركاني الضعيفة تتسبب هي الأخرى في إلحاق أضرار جسيمة بطائرات الركاب. وفي الوقت الذي قد لا يُشكِّل فيه الضرر تهديدًا بالضرورة على الرحلات المباشرة، فإن القيام برحلة عبر عمود غير مرئي من الرماد من الممكن أن يؤدي إلى إصلاحات تبلغ قيمتها ملايين الدولارات.
ثم تشير الصحيفة إلى أن عمود الرماد الذي أجرت وكالة ناسا الأميركية دراستها البحثية عليه، كان رقيقًا للغاية، لدرجة أن أفراد أطقم الرحلات لا يمتلكون الإشارات التي قد يرتكزون عليها ( مثل قراءات المحركات الغريبة، أو رائحة دخان الكبريت في مقصورة الطيار، أو حتى الظواهر الكهربية الخارجية مثل نار سانت إلمو ) لتحذيرهم بوجود العمود.
وفي الوقت الذي تردد فيه أن شركات من بينها الخطوط الجوية الهولندية "كيه.إل.ام"، ولوفتهانزا الألمانية، والخطوط الجوية الفرنسية "إير فرانس"، قد قامت اليوم بتسيير رحلات تجريبية في جميع أنحاء القارة، قال ناطق باسم شركة الخطوط الجوية الهولندية إنهم قاموا باستخدام العديد من الطائرات المختلفة، التي حلَّقت على ارتفاع يزيد عن العشرة آلاف قدم.
كما أشار مسؤولون من الشركة إلى أن الفحص الأولي لم يظهر تعرض إحدى الطائرات طراز البوينغ 747 لأي "أمور شاذة" خلال سير الرحلة، التي وصلت إلى ارتفاع قدره 41 ألف قدم. وهي النتائج نفسها التي تم التوصل إليها خلال عملية فحص أولي خضعت لها الطائرة لدى عودتها.
وتمضي الصحيفة لتنقل في سياق استعراضها للنتائج التي خلصت إليها وكالة الأبحاث الأميركية، عن بنيامين ادواردز، الخبير المتخصص في علم البراكين بكلية ديكنسون في كارلايل بولاية بنسلفانيا، قوله: "حتى عندما تستثني أمورًا من بينها رفع دعاوى قضائية محتملة بسبب الخسائر في الأرواح، وأشياء على هذا الغرار، فإن الضرر الذي يلحق بالطائرة نتيجة للسير في تلك الأجواء "المعبأة بالرماد البركاني" يقدر بعشرات الملايين من الدولارات".
وتشير الصحيفة في تلك الجزئية إلى أن شركة الخطوط الجوية الهولندية، على سبيل المثال، قد تعين عليها استبدال جميع المحركات الأربعة للطائرة، التي لم يمر عليها عام في الخدمة، بتكلفة قدرها 80 مليون دولار.
وفي سياق متصل، ينشر موقع ذا ميديا لاين الأميركي المهتم بالشؤون الشرق أوسطية تقريرًا يلقي من خلاله الضوء على مدى تأثر شركات الطيران في منطقة الشرق الأوسط بتلك السحابة الرمادية. وينقل في هذا السياق عن أسامة صلاح، خبير شؤون الطيران من مقر إقامته في أبو ظبي، قوله: "تلقي تلك السحابة بظلالها على جميع الرحلات الأوروبية.
وتتعرض الصناعة لخسائر يومية تقدر بنحو 200 مليون دولار، وتتوقع شركات الطيران الحصول على أرباح بقيمة تتراوح ما بين 2 إلى 3 مليار دولار فقط هذا العام. وبالنسبة إلى الشركات في منطقة الخليج، فستتمكن من تحمل الأضرار الاقتصادية بسبب الرحلات التي تُسَيِّرُها إلى استراليا وآسيا وإفريقيا. ومع وصول السحابة الآن إلى تركيا واليونان، بات يتوجب علينا الانتظار لنرى ماذا سيحدث".
ومع استمرار انتشار سحابة الرماد البركاني، يقول محللون متخصصون في شؤون الطيران إنه من غير المرجح على المدى القصير أن يكون لتلك السحابة آثار خطرة على شركات طيران من بينها الاتحاد للطيران، وطيران الإمارات، والخطوط الجوية القطرية، وجميعها مملوكة بشكل كلي أو جزئي للحكومة، ما يجعلها قادرة بالتالي على استيعاب قدرًا من الخسائر الاقتصادية.
وقال مناحيم لوريا، الأستاذ في معهد علوم الأرض بالجامعة العبرية في القدس، إن هناك عوامل متعدّدة تؤثر على مدى الفترة الزمنية التي قد تبقى فيها السحابة. ويضيف بقوله :" لا يمكننا توقع طول المدة، فقد تستمر على مدار أسابيع في بعض الأحيان، وقد تستمر على مدار أيام في أحيان أخرى، حيث يعتمد الأمر على مدى كثافة تلك السحابة. وهي لم تدنُ حتى الآن من منطقة الشرق الأوسط، لذا لا أعتقد أن تستمر تلك الوضعية لأكثر من بضعة أيام".