في الحلقة الماضية تكلمنا عن موسى عليه السلام وكيف خرج هاربا من مصر بعد أن قتل نفسا بالخطأ وبحث عنه جنود فرعون فلم يجدوه وأرادوا قتله فخرج منها هاربا يترقب قال ربي نجيني من القوم الظالمين مشى من مصر متوجها إلى الشام متوجها إلى مدينة تُسمى " مَدْيَنْ"وكان في الطريق جائعا عَطِشاً لم يجد ماء يشربه ولا طعاما يأكله أهلكه الجوع والعطش وكان حافي القدمين وصل من مصر إلى مَدْيَنَ ماشِياً على قدميه فوجد من بعيد بئرا فيه ماء الناس حوله يسقون عندهم من الإبل من الغنم من الأنعام يسقون في هذا الماء فأسرع موسى عليه السلام إلى هذا الماء إلى هذا البئر { وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ } وجد عند هذا الماء
أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم" إمرأتان تَدُودَانْ "فتاتان بعيدتان عن الناس تَدُودَانِ غنمهما وما ترعونه من أنعام ومن إبل وغنم بعيدا عن غنم الناس وبعيدا عن إبل الناس الفتاتان بعيدتان موسى عليه السلام إستغرب مالذي يحدث وجد الفتاتين فسألهما ما خطبكما فقالتا بكل أدب بكل حياء قالتا { لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء }لن نختلط مع الرجال لن نُزاحِم الرجال لن نسقي حتى يَصْدُرَ ويبتعد كل الرجال من هذا المكان طيب أليس لكما أخ أب يسقي لكما فردت البِنتان { وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } لم يكلمهما موسى عليه السلام نظر لِحاجتهما بل سقا لهما الماء ولم يتحدث معهما ثم تولى إلى ضِلٍّ وأخذ يدعوا الله عز وجل { رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير }
ذهبت الفتاتان باكرا هذه المرة بعد أن سقى لهما موسى عليه السلام ذهبتا إلى والدهما الشيخ الكبير وحدثتاه بما حصل فإذا بالشيخ الكبير الرجل الصالح في مَدْيَنَ يقول لإبنتيه نَادِيَا هذا الرجل أريد أن أتكلم معه فإذا بموسى يدعو الله جل وعلا فجأة وجد إحدى الفتاتين تمشي بكل حياء بكل أدب { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ }ماذا تريد { قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } هنا بدأ الفرج هنا بدأت إستحابة الدعوة أبي يريدك يريد أن يجزيك على ما فعلته لنا فعلت شيئا لا يفعله أحد من الناس اليوم إنه الأدب إنها الأخلاق إنها المروؤة إنها الشهامة ما إستغل وضع الفتاتين ليتحدث معهما بل قدَّمَ الخدمة ومضى عنهما
مشت الفتاة بكل حياء موسى أمامها تَدّلُّهُ بالطريق بالحصى عن يمينه أو عن شماله فلما وصل إلى الشيخ الكبير قال له الشيخ الكبير الرجل الصالح ما قصتك أخبره عن قصته لِما خرج من مصر وماذا كان يفعل فرعون فيهم وماذا فعل فرعون في بني إسرائيل وكيف قتَّل الأولاد وَاسْتَعْبَّدَ الناس وخرجت منهم هاربا بعد أنت قتلت نفسا بالخطأ فقال له الشيخ الكبير نحن في مكان لن يصل إليه فرعون ولا جنوده قال { قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } جاءت واحدة من الفتاتين إلى أبيها فقالت يأبي نحن فتيات لا نستطيع أن نعمل عمل الرجال أو نُزاحم الرجال لِما لا تستأجر هذا الرجل فإنه رجل قوي ورجل أمين يا أبت إستأجره إن خير من إستأجرت القوي الأمين بدأ الفرج شيئا فشيئا لِموسى عليه السلام جاءه الشيخ الكبير قال يا موسى أريد أن أعرض عليك عرضا قال ما هو قال عندي فتاتان إختر من تريد فتزوجها إختر أي واحدة تريدها قال والمهر ما عندي شيء
قال إعمل عندي ثماني سنين فإن أكرمتني إعمل لدي عشر سنين أي الأجل قضيت { قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ } وافق موسى عليه السلام وتزوج إحدى الفتاتين وعاش في" مَدْيَن "ليست فقط ثماني سنين بل عشر سنين كرما من موسى عليه السلام أكرمه الرب عز وجل بأن تزوج وعاش حياة سعيدة بعيدا عن فرعون وظلمه
فلما قضى موسى عليه السلام عشر سنين في مَدْيَنْ ورزقه الله عز وجل زوجة وأولادا وخيرات كثيرة حَنَّ إلى موطن رأسه إلى بلده التي وُلِد فيها إلى مصر فأخذ زوجته وأولاده ورجع إلى مصر وفي الطريق في صحراء سيناء أضاع موسى عليه السلام الطريق في ليلة باردة ليلة مُظلمة يسير موسى عليه السلام مع زوجته وأولاده وقد أضاع الطريق وخاف على أهله في هذه الليلة الباردة ربما يُهلكون من شدة البرد ربما يأتي ما يفترسهم ربما يحصل ما يحصل ليلة باردة كل ما مشى موسى عليه السلام رجع إلى نفس المكان
خاف على أهله ربما يقتلهم البرد ربما يحصل لهم ما يحصل فجأة رأى موسى عليه السلام من بعيد نارا فأنِسَ بها موسى عليه السلام فرح بهذه النار قال لأهله أمْكُثُوا إجلسوا في هذا المكان لا تتحركوا سوف أذهب إلى النار ربما أجد عندها أحدا يُخبرني عن الطريق وربما آتيكم بشيء من النار تتدفأون بها {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } مشى موسى عليه السلام وكان أسمر الجلد يمشي على عصى يتكأ عليها يلبس نِعْلَيْنِ يخط برجله الأرض حتى وضل بالقرب من هذه النار عند الجبل في ذلك الوادي
وجد نارا موسى عليه السلام لوحده الآن حتى وصل بالقرب من هذه النار في ذلك الوادي في الليلة المظلمة شديدة البرودة عند جبل إسمه" الطُّورْ"في واد سحيق هذه النار كانت قرب شجرة خضراء إستغرب موسى عليه السلام ليس عند النار أحد والمكان مُظلم والليلة باردة والنار لِوحدها تشتعل يقترب موسى عليه السلام يخط نِعليه على الارض ويمشي وبيده العصا فجأة سمع موسى صوتا يُناديه أي صوت هذا { يَامُوسَى } يلتفت يمنة ويسرة من يُناديني الصوت لا كغيره من الأصوات فهو صوت ليس كمثله شيء{ يَا مُوسَى } من{ يامُوسَى } من عرف إسمي من يُناديني في هذا المكان المُظلم ما هذا الصوت العجيب الغريب الذي يُنادي موسى عليه السلام فإذا به يُجيب موسى { إِنِّي أَنَا اللهُ } الله أكبر إنه الله عز وجل يكلم موسى { وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا }
كلم الله موسى لأول مرة من يُناديني { إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} مباشرة سمع موسى كلام ربه عز وجل { وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى } ولهذا يُسمى موسى كَلِيمُ الله سمع الله عز وجل يُناديه يقول له { يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } موسى في البداية كان خائفا أما الآن أنِسَ بهذا الصوت { إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ } خلع موسى نعليه من الذي يكلمه إنه الله عز وجل { إِنِّي أَنَا رَبُّكَ } الله جل وعلا يكلمه فاستمع لِما يوحى أخترتك ياموسى إسمع لوحي { إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا } أمره بالأوامر ثم قال له يا موسى ما تلك بيمينك الآن موسى يريد أن يكلم ربه إستأنس بهذا المكان المظلم قال ما تلك بيمينك كانت الإجابة يُفترض هي عصاي
لكن موسى إسترسل أنِسَ بكلامه مع ربه { قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} يسترسل موسى بالحديث ألقيها ياموسى عصاي ألقيها على الارض نعم ألقها يا موسى { قَالَ هِيَ عَصَايَ } زاد موسى { أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} قال الله عز وجل لموسى ألقي هذه العصا عصا لِما ألقيها ألقاها موسى عليه السلام فإذا بالعصا تهتز الله أكبر تهتز كثعبان عظيم كأنها جَانْ ففر موسى خوفا من هذه العصا لما تحولت إليه ثعبان عظيم { فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ } لم يلتفت هرب موسى عليه السلام ناداه الرب عز وجل يا موسى يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين
لا تخف يا موسى هذه آيات من آيات خذها بيدك خذها بيمنيك ماذا أخذ ثعبانا عظيما إقترب موسى إقترب إلى الثعبان فلما وضع يده عليها تحولت إلى عصا يالله أي مُعجزة هذه إذا رماها ثعبان عظيم إذا أخذها عصا هذه الآية الأولى يا موسى أما الثانية ضع يدك في جيبك تحت يدك ثم أخرجها تتحول إلى بيضاء نور يتلألأ أرجعها مرة ثانية عادت كما كانت إذا وضعها رجعت بيضاء { آيَةً أخْرَى لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى } ما المطلوب أنت مبعوث إلى من { إذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى } في هذا الوادي العظيم وعند تلك النار المشتعلة بالقرب من جبل الطور لأول مرة موسى يكلم ربه عز وجل وفي هذه الليلة المُظلمة الباردة وعند تلك النار بدأت بعثة موسى عليه السلام ليذهب إلى فرعون لِيُبلغه دين الله جل وعلا ويدعوه إلى التوحيد وإلى عبادة الله موسى ينطلق إلى فرعون
أمر الله عز وجل موسى عليه السلام أن يذهب إلى فرعون يدعوه إلى الله جل وعلا فتذكر موسى عليه السلام أنه قد قتل نفسا منذ زمن قديم وأن فرعون بنفسه يبحث عنه لقتله فكيف أذهب إلى فرعون بنفسي إذا قتلني كيف أدعوا إلى الله جل وعلا ثم تذكر ما حدث للسانه وهو صغير فطلب من ربه أن يُرسل معه أخاه هارون نبيا معه لأنه أفصح لِسَاناً منه فاستجاب الله عز وجل لموسى طلبه قال الله عز وجل وهو يحكي عن موسى عليه السلام { قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ } الذنب الأول المشكلة الثانية { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي }
إجعله وزيرا لي يا رب رِدْءاً يصدقني أشْدُدْ بِهِ أزْرِي وَأشْرِكْهُ فِي أمْرِي فقال الله عز وجل لموسى { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى } حصلت على ما تريد يا موسى فرجع موسى عليه السلام إلى مصرا فذهب إلى أهله هناك كلم أخاه هارون عليه السلام أن الله عز وجل قد جعلك معي نبيا وزيرا تُؤيِّدُنِي قال وماذا طلب الله عز وجل مِنَّا قال أن نذهب مباشرة إلى قصر فرعون فندخل عليه فندعوه إلى الله جل وعلا لما وصل موسى وبيده العصا معه أخاه هارون إلى قصر فرعون وفي الخارج أوقفهم الحراس أوقفه الحاجب قال ماذا تريد قال أريد الدخول على فرعون قال ومن أنت حتى تدخل على فرعون قال قل له موسى إبن عمران فذهب الحاجب الحارس إلى فرعون دخل عليه فقال هناك من يطلب الدخول عليك
قال من هو قال إسمه موسى قال من أي موسى قال موسى إبن عمران قال موسى إبن عمران بنفسه جاء إلي وأنا كنت أبحث عنه منذ زمن قال نعم هو في الخارج ينتظرك قال فرعون فأدخلوه علي فدخل موسى عليه السلام وبيده العصا ومعه أخوه هارون يمشي على عصاه يتكأ على عصاه دخل إلى فرعون في قصره دخل موسى عليه السلام ليبلغ رسالة ربه جل وعلا ويدعوا فرعون إلى الله جل وعلا
لما دخل موسى عليه السلام مع هارون إلى قصر فرعون وجد عند فرعون وحوله الملأ وجد المقربين لفرعون الوزراء الحاشية أصحاب فرعون إجتمعوا حوله لما دخل موسى وعرفه فرعون قال مالذي جاء بك ياموسى قال موسى عليه السلام يخاطب فرعون يدعوه إلى الله عز وجل بكل لِينْ قال { هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى } إستغرب فرعون أنت يا موسى الذي ربيناك عندنا في هذا القصر في هذا المكان جئتنا وليداً وجدناك أطعمناك وربيناك حتى صرت رجلا وغبت عنا عشر سنين وفعلت فعلتك بعد أن قتلت نفسا وهربت منا ثم رجعت لتأتينا بدين جديد
ماذا تقول يا موسى { ألم نربيك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت }يذكره لما قتل رجلا خطأ { وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ } موسى عليه السلام لم يُنكر أنه قتل نفسا خطأ قال فعلتها إذن وأنا من الظالين فررت ثم رجعت أذكركم بالله عز وجل وأدعوكم إلى عبادة رب العالمين الآن بدأ فرعون يستهزئ بموسى عليه السلام يستهزئ به أمام الملأ أمام الناس الذين من حوله قال له وقد سأله سؤالا ظن أن موسى لم يُجيب عليه قال فرعون { وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ } فإذا بموسى عليه السلام يقول بكل جرأة { قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } يريد موسى أن يسمع فرعون ويسمع كل الذين من حوله دعوته إلى التوحيد { قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ} هذا الذي يزعم أنه رب وأنه هو الله كاذب أنا أدعوكم إلى عبادة من خلق السماوات وخلق الارض وما بينهما إن كنتم موقنين
فإذا بفرعون يستشيط غضبا ويقوم من مكانه من كرسيه وينادي الذين من حوله يقول لهم ألا تستمعون ألا تسمعون إلى هذا الهراء الذي يتفوه به موسى فإذا بموسى عليه السلام يرد بكل ثقة{ قَالَ رَبُّكُمْ }يلتفت إلى من حوله { قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ} إن كان فرعون ربا فمن خلق أباؤه ومن خلقكم ومن خلق أبائكم إنه الله جل وعلا قال ربكم ورب أبائكم الأولين فإذا بفرعون يبدأ الآن يُغلظ الحديث{ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ } أنظروا إلى هذا الرجل أنظروا إلى الذي بُعث إليكم إنه مجنون { قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } لم يُبالي موسى عليه السلام وإستغل الفرصة بأكملها أنا مجنون يا فرعون أنا مجنون إلى الذي يدعوكم إلى الله جل وعلا { قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } للنظر من صاحب العقل أنا أم أنت أم الذين من حولك يا فرعون هو رب المشرق هو رب المغرب هو رب ما بينهما إن كنتم تعقلون
ما ندري من الذي يعقل ومن الذي هو مجنون فإذا بفرعون الآن يستشيط غضبا ويقول لمن حوله ما علمت لكم من إله غيري يا موسى لئن لم تسكت عن هذه الدعوة وعن هذا الكلام لأجعلنك من المسجونين { قاَلَ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ } أين الحوار يا فرعون أين العقل الذي عندك يا فرعون تجادل موسى تناقش موسى عندك الحجة عندك البرهان لما لجأت إلى السجن دائما حجة الضعفاء الذين لا يملكون أي حجة أصحاب الدعوة الواهية حجتهم ودليلهم السجن إذا لم يستجيب الناس لكلامي وإذا لم تقف يا موسى عن دعوتك فإن السجن ينتظرك مسكين فرعون وأمثال فرعون ما دَرَوْا أنَّ مُوسَى لا يُبالي بالسجن بل موسى عليه السلام لا يبالي لا بقتل ولا بتعذيب ولا بسجن { قاَلَ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} وإذا بموسى عليه السلام يرد عليه يريد أن يقلب الحديث في صالحه
قال موسى الذكي العاقل النبيه هو من أولوا العزم من الرسل كليم الله قال يا فرعون أو لجئتك بشيء مبين قبل أن تدخلني السجن قبل أن تمنعني أتحدث إلى الناس وأبلغهم دين الله جل وعلا قبل أن تفعل أي شيء دعني آتك بأية بينة أوَ لو جئتك بشيء مبين قال والمبين عندك يا موسى أنت لا تعرف حتى الحديث لا تكاد تُبِينُ ما عندك يا موسى فإذا بموسى عليه السلام يرفع عصاه والناس يشهدون في قصر فرعون فيرمي موسى عليه السلام العصا فإذا هي ثعبان مبين فقام الناس من مقامهم وإذا بهذا يقوم وهذا يقوم وهذا يتحرك كل منهم يقوم خاف من عصا موسى عليه السلام { فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ }ثم رفع موسى يده بعد أن أدخله في جيبه فإذا هي بيضاء نور يتلألأ فانبهر كل الحضور
هنا أُسْقِطَ فرعون في يديه هنا لم يعرف فرعون ماذا يفعل وماذا يصنع تُرى ماذا صنع فرعون بعد هذا ماذا فعل ماذا قال ماذا تصرف فرعون هل إنهزم أم أنه تحدى موسى عليه السلام لمعركة وجولة أخرى مالذي حدث بين موسى وفرعون هذا ما سوف نعلمه إن شاء الله في الحلقة المقبلة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته